بسم الله الرحمن الرحيم
< صدقوا ما عاهدوا >
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا
تَبْدِيلاً }الأحزاب23
تعالوا أولا"
نقف أمام النفس البشرية التي تلم بها لحظات الضعف , فلا يعصمها منهاإلا الله عز وجل , فهؤلاءجماعة من المسلمين قيل في بعض الروايات:إنهم من المهاجرين الذين كانوايتمنون أن يأذن الله لهم في القتال وهم في مكة من شدة الحماس والاندفاع . وكانوايؤمرون بكف أيديهم وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فلما كتب عليهم القتال ، في المدينة في الوقت المناسب الذي قدره الله < إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشدخشية , وقالوا:ربنا لم كتبت علينا القتال ? لولا أخرتنا إلى أجل قريب >!. . أو هم جماعة من المسلمين في المدينة كانوا يسألون عن أحب الأعمال إلى الله ليفعلوه فلما أمروا بالجهاد كرهوه !
وهذه كفيلة بأن تفتح أعيننا على ضرورة الموالاة للنفس البشرية بالتقوية والتثبيت; وهي تواجه التكاليف الشاقة , لتستقيم في طريقها , وتتغلب على لحظات الضعف , وتتطلع دائما إلى الأفق البعيد . كما تلهمنا أن نتواضع في طلب التكاليف وتمنيها ونحن في حالة العافية ! فلعلنا لا نقوى على ما نقترح على الله حين يكلفنا إياه ! وهؤلاء جماعة من المسلمين الأوائل يضعفون ويقولون ما لا يفعلون ; حتى يعاتبهم الله هذا العتاب الشديد , وينكر عليهم هذا الإنكار المخيف !
تعالوا بنا لنبحر سويا" مع أفضل من صدقوا الله تعالى فنصرهم ألا وهم أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام ومن هؤلاء الذين عانو معاناة شديدة مع قومهم ومن أجل فتح الأرض المباركة فلسطين ومحاربة القوم الجبارين .. مع كليم الله موسى عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام ..
قال جل ذكره
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) ، تبين أن المسجد الأقصى ذكر بالقرآن باسمه ، لكن هذه الأرض لم تذكر إلا بذكر (الأرض المباركة) ، ولا تذكر إلا ويذكر معها الأنبياء والمرسلون .
قال موسى عليه السلام ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) ، فسماها الأرض المقدسة .
وسيدنا سليمان عليه السلام ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الأرض التي باركنا فيها ) ، سماها أيضا بلفظ البركة .
وسيدنا ابراهيم {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ }
وسيدنا محمد ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )
وتجدر الملاحظة أن الله عز وجل عندما تكلم عن المسجد الأقصى لم يأت القول ( الذي باركنا فيــه )
بل أتى القـول ( الذي باركنا حولــه ) ، كي يشمل أرض فلسطين كلها ، وكي يبين لنا سبحانه وتعالى أن البركة ليست في هذا المكان فقط ، بل البركة في كل الأرض المحيطة به.
والعلماء يقولون - منها تبدأ نفخة الحشر ، أي أن نفخة الحشر تبدأ من أرض فلسطين بل تبدأ من المسجد الأقصى .
يقول الله سبحانه وتعالى ( واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب ) ، لكن أين هذا المكان القريب ؟؟
قال القرطبي وغيره من المفسرين أن هذا المكان القريب الذي ذكره رب العزة هو ( صخرة المعراج ) . فالمكان الذي سوف ينفخ اسـرافيل من عليه ليوم الحشر ويسمعه كل الناس ، هو هذا المكان المبارك – صخرة المعراج في المسجد الأقصى - .
إن الأرض مباركة ، والمسجد مبارك ، والمسجد باركنا حوله ، وكل نبي من الأنبياء أمره ربه أن يتحرك الى الأرض التي باركنا فيها .
من هنا يتبين أن القضية ليست قضية اليوم بل القضية من زمن آدم عليه السلام .. أرض الأنبياء والمرسلين .
فآد م عليه السلام دخل هذه الأرض المباركة وبنى المسجد عليها ، وهو أول من بنى المسجد الأقصى .
ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف ، جميعهم خرجوا من هذه الأرض .
زكريا ويحيى وعيسى وسليمان وداود ومحمد عليهم السلام ، كلهم قدموا الى هذه الأرض ، ومنهم من زارها ورحل ، ومنهم من استقر فيها ، فممن عاشوا فيها ، ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف وداود وسليمان ، كلهم عاشوا في هذه الأرض المباركة .
اسحق ولد هناك ويعقوب ولد هناك ويوسف ولد هناك وبعدها أتى من فلسطين الى مصر...
موسى عليه السلام صاحب الحظ الوافر فى هذه القضية ...
تعالوا نعيش سويا" مع القصص الحق ... مع أحد الرجال الصادقين ألا وهو كليم الله موسى عليه السلام ....................
................ بعد وفاة يوسف ويعقوب واسحق ، سيطر على فلسطين قوم جبارين وكانت الرسالة التي أوكلها رب العزة لسيدنا موسى أن يذهب كي يفتح الأرض المقدسة ويسترجعها مع بني اسرائيل ، وهذا تأكيد أن مهمة كل نبي كانت الحفاظ على هذه الأرض المقدسة ، لأنه لو كان مغزى رسالة سيدنا موسى هو مصر لبقي فيها لاصلاحها ، لكنه أخذ بنى اسرائيل وترك فرعون ..
في سورة المائدة أية رقم 20 ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) ، وهذا دليل أن هذه الأرض كتبت للمؤمنين ولن يتمكن من دخولها إلا من كان مؤمنا .
( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين ) وهؤلاء الجبارون سكنوها بعد موت يوسف ويعقوب واسحق عندما بدأ الايمان يتناقص ، فاحتلها الجبارون ومطلوب من موسى أن يحررها هو والمؤمنون الذين معه ، فإن كان من معه غير مؤمنين فلن يستطيع .
أنظر ردهم ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) ، ورغم أنه بين كل ذاك القوم كان هناك اثنان فقط من المؤمنين – موسى وأخوه فقط -.
ورغم ذلك ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) .
هذان الرجلان – موسى وأخوه - كانا يدركان أنعم الله ويخافان أن تسحب هذه النعم منهم .
< قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون > .
< قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين >
فانظر أخى الكريم ماذا قال الله عز وجل بعد أن رآهم لا يصلحون لتلك المهمة المقدسة.
< قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين > يتيهون في الأرض يعنى لا هـّم لهم غير المأكل والمشرب والأولاد فقط
لكن اليهود من طبيعتهم: الجبن. والنكوص على الأعقاب . ونقض الميثاق: *قالوا:يا موسى إن فيها قوما جبارين ; وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ,فإن يخرجوا منها فإنا داخلون*. إن جبلة اليهود تظهر هنا على حقيقتها , مكشوفة بلاحجاب أو ساتر. ذلك لأنهم أمام خطر شديد; فلا يوجد وقت للتجمل والتظاهر بالشجاعة .
*إن فيها قوما جبارين . . وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها . . فإن يخرجوا منها فإنا داخلون*.
ولكن تكاليف النصر ليست هكذا كما تريدها يهود ! وهي فارغة القلوب من الإيمان !
وهم في غفلة عن خالقهم مشغولون بأمورهم الدنيوية الدنيئة فقط عن طاعة الله .
قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما:ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون . وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين*.
هناتبرز قيمة الإيمان بالله , والخوف منه . . فهذان رجلان من الذين يخافون الله , ويرزقهم الله شجاعة في وجه الخطرالموهوم ! وهذان الرجلان يشهدان بقولتهما هذه بقيمة الإيمان في ساعة الشدة ; وقيمةالخوف من الله في مواطن الخوف من الناس . فالله عز وجل لا يجمع في قلب واحد بين مخافتين:مخافته - جل جلاله _ ومخافة الناس .
*ادخلوا عليهم الباب . فإذا دخلتموه فإنكم غالبون*. .
. . أقدموا واقتحموا . فمتى دخلتم على القوم في عقر دارهم انكسرت قلوبهم بقدر ما تقوى ...
*قالوا:يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها . فاذهب أنت وربك فقاتلا . إناهاهنا قاعدون*. .
هنا يظهر جبن اليهود ويفزعون من الخطر الذى أمامهم ..
قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَاوَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ *25* قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ*26*
هذه نهاية المطاف بموسى عليه السلام . نهاية الجهد الجهيد . والسفرالشاق الطويل . واحتمال الانحرافات والالتواءات من بني إسرائيل !
والحكمة والله أعلم من اختيار الله هذه المدة أربعين سنة ، إنما هو من أجل ضمان تمام تغيير الجيل ..وحتى ينشأ جيل غير هذا الجيل . جيل يعتبر بالدرس , وينشأ في خشونة الصحراء وحرها صلب العود . . جيل غير هذا الجيل الذي أفسدة الذل والاستعباد والطغيان في مصر , فلم يعديصلح لهذا الأمر الجليل...
وبقى القوم الجبارون في الأرض المقدسة ، وبقي سيدنا موسى في التيه أربعين سنة مهمته تنشئة جيل جديد صالح لتحرير تلك الأرض المباركة.
وظل موسى حيا حتى نشأ جيل جديد ، كانوا مؤمنين حقا وتحققت القاعدة العامة فيهم حيث صار الايمان هو الظاهر والأهم في حياتهم ، فأخذ الله بيد موسى وفتحت الأرض المقدسة – فتحت فلسطين وطرد منها الجبارون .
ذلك من أجل تحقيق القاعدة – إن وجد هناك قوم مؤمنين ، تكون الأرض المقدسة لهم – وإن كان القوم يعيشون في الأرض لاهين غافلين – فهم لا يستحقون هذه الأرض المقدسة ، ولا تكون لهم .
لقد جاء في صحيح البخاري أنه عندما حضر موسى ملك الموت ، ناجي ربه ( يا رب أمتني عند أسوار هذه المدينة المقدسة ) وقال نبينا محمد عليه السلام < ولو كنتم معي هناك لأريتكم قبر موسى > . وابنُ حِـجْـر قد بيّـن لنا لماذا طلب موسى أن يدفن عند الاسوار وليس داخل الأسوار.
يقول ابنُ حِـجْـر ( أن موسى كان يعلم أن سكنى هذه الأرض والاستقرار فيها ليس له ولأمّته بل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، كي لا يطلب قوم موسى أن تكون المدينة لهم ، لأنها لقوم محمد عليه الصلاة السلام) .
بعد موت موسى بفترة عاد الايمان ليتساقط ويتهاوى حتى سيطر قوم جبارون أخرون على القدس ومن حولها فلسطين مرة ثانية ، فأرسل الله نبيا أخر لهذه الأرض ، وكأنما كلما تدهور مستوى الايمان في هذه الأرض ، أرسل الله نبيا جديدا لإحياء قضية الإيمان من جديد ، وكان النبي الجديد هو سيدنا ( داود ) عليه السلام .
داود عليه السلام من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه...... مع نبى الله داود
ولكن فى العدد المقبل بمشيئة الرحمن ....... فى حفظ الله وأمنه
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا
تَبْدِيلاً }الأحزاب23
تعالوا أولا"
نقف أمام النفس البشرية التي تلم بها لحظات الضعف , فلا يعصمها منهاإلا الله عز وجل , فهؤلاءجماعة من المسلمين قيل في بعض الروايات:إنهم من المهاجرين الذين كانوايتمنون أن يأذن الله لهم في القتال وهم في مكة من شدة الحماس والاندفاع . وكانوايؤمرون بكف أيديهم وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فلما كتب عليهم القتال ، في المدينة في الوقت المناسب الذي قدره الله < إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشدخشية , وقالوا:ربنا لم كتبت علينا القتال ? لولا أخرتنا إلى أجل قريب >!. . أو هم جماعة من المسلمين في المدينة كانوا يسألون عن أحب الأعمال إلى الله ليفعلوه فلما أمروا بالجهاد كرهوه !
وهذه كفيلة بأن تفتح أعيننا على ضرورة الموالاة للنفس البشرية بالتقوية والتثبيت; وهي تواجه التكاليف الشاقة , لتستقيم في طريقها , وتتغلب على لحظات الضعف , وتتطلع دائما إلى الأفق البعيد . كما تلهمنا أن نتواضع في طلب التكاليف وتمنيها ونحن في حالة العافية ! فلعلنا لا نقوى على ما نقترح على الله حين يكلفنا إياه ! وهؤلاء جماعة من المسلمين الأوائل يضعفون ويقولون ما لا يفعلون ; حتى يعاتبهم الله هذا العتاب الشديد , وينكر عليهم هذا الإنكار المخيف !
تعالوا بنا لنبحر سويا" مع أفضل من صدقوا الله تعالى فنصرهم ألا وهم أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام ومن هؤلاء الذين عانو معاناة شديدة مع قومهم ومن أجل فتح الأرض المباركة فلسطين ومحاربة القوم الجبارين .. مع كليم الله موسى عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام ..
قال جل ذكره
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) ، تبين أن المسجد الأقصى ذكر بالقرآن باسمه ، لكن هذه الأرض لم تذكر إلا بذكر (الأرض المباركة) ، ولا تذكر إلا ويذكر معها الأنبياء والمرسلون .
قال موسى عليه السلام ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) ، فسماها الأرض المقدسة .
وسيدنا سليمان عليه السلام ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الأرض التي باركنا فيها ) ، سماها أيضا بلفظ البركة .
وسيدنا ابراهيم {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ }
وسيدنا محمد ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )
وتجدر الملاحظة أن الله عز وجل عندما تكلم عن المسجد الأقصى لم يأت القول ( الذي باركنا فيــه )
بل أتى القـول ( الذي باركنا حولــه ) ، كي يشمل أرض فلسطين كلها ، وكي يبين لنا سبحانه وتعالى أن البركة ليست في هذا المكان فقط ، بل البركة في كل الأرض المحيطة به.
والعلماء يقولون - منها تبدأ نفخة الحشر ، أي أن نفخة الحشر تبدأ من أرض فلسطين بل تبدأ من المسجد الأقصى .
يقول الله سبحانه وتعالى ( واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب ) ، لكن أين هذا المكان القريب ؟؟
قال القرطبي وغيره من المفسرين أن هذا المكان القريب الذي ذكره رب العزة هو ( صخرة المعراج ) . فالمكان الذي سوف ينفخ اسـرافيل من عليه ليوم الحشر ويسمعه كل الناس ، هو هذا المكان المبارك – صخرة المعراج في المسجد الأقصى - .
إن الأرض مباركة ، والمسجد مبارك ، والمسجد باركنا حوله ، وكل نبي من الأنبياء أمره ربه أن يتحرك الى الأرض التي باركنا فيها .
من هنا يتبين أن القضية ليست قضية اليوم بل القضية من زمن آدم عليه السلام .. أرض الأنبياء والمرسلين .
فآد م عليه السلام دخل هذه الأرض المباركة وبنى المسجد عليها ، وهو أول من بنى المسجد الأقصى .
ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف ، جميعهم خرجوا من هذه الأرض .
زكريا ويحيى وعيسى وسليمان وداود ومحمد عليهم السلام ، كلهم قدموا الى هذه الأرض ، ومنهم من زارها ورحل ، ومنهم من استقر فيها ، فممن عاشوا فيها ، ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف وداود وسليمان ، كلهم عاشوا في هذه الأرض المباركة .
اسحق ولد هناك ويعقوب ولد هناك ويوسف ولد هناك وبعدها أتى من فلسطين الى مصر...
موسى عليه السلام صاحب الحظ الوافر فى هذه القضية ...
تعالوا نعيش سويا" مع القصص الحق ... مع أحد الرجال الصادقين ألا وهو كليم الله موسى عليه السلام ....................
................ بعد وفاة يوسف ويعقوب واسحق ، سيطر على فلسطين قوم جبارين وكانت الرسالة التي أوكلها رب العزة لسيدنا موسى أن يذهب كي يفتح الأرض المقدسة ويسترجعها مع بني اسرائيل ، وهذا تأكيد أن مهمة كل نبي كانت الحفاظ على هذه الأرض المقدسة ، لأنه لو كان مغزى رسالة سيدنا موسى هو مصر لبقي فيها لاصلاحها ، لكنه أخذ بنى اسرائيل وترك فرعون ..
في سورة المائدة أية رقم 20 ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) ، وهذا دليل أن هذه الأرض كتبت للمؤمنين ولن يتمكن من دخولها إلا من كان مؤمنا .
( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين ) وهؤلاء الجبارون سكنوها بعد موت يوسف ويعقوب واسحق عندما بدأ الايمان يتناقص ، فاحتلها الجبارون ومطلوب من موسى أن يحررها هو والمؤمنون الذين معه ، فإن كان من معه غير مؤمنين فلن يستطيع .
أنظر ردهم ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) ، ورغم أنه بين كل ذاك القوم كان هناك اثنان فقط من المؤمنين – موسى وأخوه فقط -.
ورغم ذلك ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) .
هذان الرجلان – موسى وأخوه - كانا يدركان أنعم الله ويخافان أن تسحب هذه النعم منهم .
< قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون > .
< قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين >
فانظر أخى الكريم ماذا قال الله عز وجل بعد أن رآهم لا يصلحون لتلك المهمة المقدسة.
< قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين > يتيهون في الأرض يعنى لا هـّم لهم غير المأكل والمشرب والأولاد فقط
لكن اليهود من طبيعتهم: الجبن. والنكوص على الأعقاب . ونقض الميثاق: *قالوا:يا موسى إن فيها قوما جبارين ; وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ,فإن يخرجوا منها فإنا داخلون*. إن جبلة اليهود تظهر هنا على حقيقتها , مكشوفة بلاحجاب أو ساتر. ذلك لأنهم أمام خطر شديد; فلا يوجد وقت للتجمل والتظاهر بالشجاعة .
*إن فيها قوما جبارين . . وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها . . فإن يخرجوا منها فإنا داخلون*.
ولكن تكاليف النصر ليست هكذا كما تريدها يهود ! وهي فارغة القلوب من الإيمان !
وهم في غفلة عن خالقهم مشغولون بأمورهم الدنيوية الدنيئة فقط عن طاعة الله .
قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما:ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون . وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين*.
هناتبرز قيمة الإيمان بالله , والخوف منه . . فهذان رجلان من الذين يخافون الله , ويرزقهم الله شجاعة في وجه الخطرالموهوم ! وهذان الرجلان يشهدان بقولتهما هذه بقيمة الإيمان في ساعة الشدة ; وقيمةالخوف من الله في مواطن الخوف من الناس . فالله عز وجل لا يجمع في قلب واحد بين مخافتين:مخافته - جل جلاله _ ومخافة الناس .
*ادخلوا عليهم الباب . فإذا دخلتموه فإنكم غالبون*. .
. . أقدموا واقتحموا . فمتى دخلتم على القوم في عقر دارهم انكسرت قلوبهم بقدر ما تقوى ...
*قالوا:يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها . فاذهب أنت وربك فقاتلا . إناهاهنا قاعدون*. .
هنا يظهر جبن اليهود ويفزعون من الخطر الذى أمامهم ..
قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَاوَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ *25* قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ*26*
هذه نهاية المطاف بموسى عليه السلام . نهاية الجهد الجهيد . والسفرالشاق الطويل . واحتمال الانحرافات والالتواءات من بني إسرائيل !
والحكمة والله أعلم من اختيار الله هذه المدة أربعين سنة ، إنما هو من أجل ضمان تمام تغيير الجيل ..وحتى ينشأ جيل غير هذا الجيل . جيل يعتبر بالدرس , وينشأ في خشونة الصحراء وحرها صلب العود . . جيل غير هذا الجيل الذي أفسدة الذل والاستعباد والطغيان في مصر , فلم يعديصلح لهذا الأمر الجليل...
وبقى القوم الجبارون في الأرض المقدسة ، وبقي سيدنا موسى في التيه أربعين سنة مهمته تنشئة جيل جديد صالح لتحرير تلك الأرض المباركة.
وظل موسى حيا حتى نشأ جيل جديد ، كانوا مؤمنين حقا وتحققت القاعدة العامة فيهم حيث صار الايمان هو الظاهر والأهم في حياتهم ، فأخذ الله بيد موسى وفتحت الأرض المقدسة – فتحت فلسطين وطرد منها الجبارون .
ذلك من أجل تحقيق القاعدة – إن وجد هناك قوم مؤمنين ، تكون الأرض المقدسة لهم – وإن كان القوم يعيشون في الأرض لاهين غافلين – فهم لا يستحقون هذه الأرض المقدسة ، ولا تكون لهم .
لقد جاء في صحيح البخاري أنه عندما حضر موسى ملك الموت ، ناجي ربه ( يا رب أمتني عند أسوار هذه المدينة المقدسة ) وقال نبينا محمد عليه السلام < ولو كنتم معي هناك لأريتكم قبر موسى > . وابنُ حِـجْـر قد بيّـن لنا لماذا طلب موسى أن يدفن عند الاسوار وليس داخل الأسوار.
يقول ابنُ حِـجْـر ( أن موسى كان يعلم أن سكنى هذه الأرض والاستقرار فيها ليس له ولأمّته بل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، كي لا يطلب قوم موسى أن تكون المدينة لهم ، لأنها لقوم محمد عليه الصلاة السلام) .
بعد موت موسى بفترة عاد الايمان ليتساقط ويتهاوى حتى سيطر قوم جبارون أخرون على القدس ومن حولها فلسطين مرة ثانية ، فأرسل الله نبيا أخر لهذه الأرض ، وكأنما كلما تدهور مستوى الايمان في هذه الأرض ، أرسل الله نبيا جديدا لإحياء قضية الإيمان من جديد ، وكان النبي الجديد هو سيدنا ( داود ) عليه السلام .
داود عليه السلام من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه...... مع نبى الله داود
ولكن فى العدد المقبل بمشيئة الرحمن ....... فى حفظ الله وأمنه